الثلاثاء، 12 فبراير 2013

دراسة تحليلية
النظم التعليمية الوافدة في افريقيا
                قراءة في البديل الحضاري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه  ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له  وأشهد أن محمد عبده ورسوله اما بعد
بدأ هذا البحث بمقدمه لعمر عبيد حسنه تكلم عن النفس والتربية وطريق الفلاح وما يحيط به من اهواء وربط ذلك بالمناهج والتربية الفاسدة وعلاقتها بالسقوط والتخلف والخسران وإحباط العمل في الاخرة
ثم تكلم عن بناء المسلم الصالح المصلح وإن استيعاب هذا الواقع والنهوض به لا يتحقق إلا بإذكاء روح التخصص في شعب المعرفة المتعددة وإحياء الفروض الغائبة عن الرؤية الإسلامية اليوم
 وذكر عبيد ان فهم الواقع اليوم يصعب وذلك لتعقيداته ولذلك أصبحت لهذا الفهم أدواته البحثية من استبيانات واستطلاعات ومراكز بحوث وبذلك تصبح الحقيقة الحاضرة الغائبة الحاضرة على مستوى التنظير والفلسفة والفكر والغائبة على مستوى التطبيق والفعل وأن سبيل الخروج للأمة المسلمة واسترداد دورها الفاعل وإحداث التغيير المأمول والإقلاع من جديد لا يتحقق إلا بعد بناء المرجعية الشرعية
وبسبب أن الأمة التي لا تتوفر على الاكتفاء الذاتي في المجالات المتعددة لا يمكن أن تكـــون مؤهلـــة لحمــل رسالــة إلى النــاس ولا يمكن أن تحقق الوراثة الحضارية ولذلك يري عبيد  بأن إحياء فروض الكفاية والسعي صوب تحقيق الاكتفاء الذاتي بمفهومه الواسع هو سبيل التنمية بكل أبعادها حيث لا يمكن أن يتحقق النمو في جانب ويتعايش مع التخلف في جانب آخر لأن التنمية عملية ثقافية حضارية تقنية شاملة تحقق كفاية متكاملة في جميع المجالات
ثم ذكر تحول فرض الكفاية الى فرض عين في بعض التخصصات
كما نوافق الكاتب أن نقطة الانطلاق في المعالجة والنهوض والإصلاح والتغيير للواقع إنما تبدأ من محاضن التربية والتعليم بمفهومها الواسع وتنتهي في التربية والتعليم
 وهذه هي الحقيقة ان
التربية والتعليم هي السبيل الأوحد للإصلاح والبناء والنهوض والتطوير والتغيير وإقامة مجتمعات المستقبل وهي الرَّحِم التي تتخلق فيه وتنمو وتتغذى وتمتد وتتوجه أنهار الحياة المتدفقة والممتدة وقد استشهد الكاتب بحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم بان طلب العلم فـــرض عين فقـــال رســـول الله صلى الله عليه و سلم : (طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلم)
ومن ثم استخلص ان الرسالة الخاتمة التي انتهت إليها أصول الرسالات السماوية جميعًا والتجارب البشرية التاريخية جميعًا أيضًا جعلت طلب العلم والتعليم فرض عين والتخصص في شُعَبِه والنفرة إليه من المواقع الاجتماعية المتعددة فرض كفاية
واتفق مع العبيد و اوفقه الرأى ان ليس المطلوب تحديد المشكلة و الكاتب هنا يرى ان العنصر الاهم ليس تحديد المشكلة
ومتطلب ذلك إنما يتأتى
بالدراسة الميدانية طبقًا لأدوات البحث الحديثة وتحديد موطن الخلل ودراسة أسبابه ووضع خطة متأنية للمعالجة ضمن زمن كاف وعدم الاستعجال للنتائج وتجاهل سنة الأجل لأن التربية والتعليم من الصناعات الثقيلة البطيئة والمديدة التي قد لا تتحصل نتائجها في جيل واحد
كما تتطلب أقدارًا اجتماعية فائقة من الاحترام للمعلم ورعاية كاملة لأحواله وتأمينًا متميزًا لظروفه  ليتوفر على الأداء بكل طاقاته  لأنه هو الذي يشكل المحور الأساس للعملية التعليمية  فهو يعلم ويربي ويشكل النموذج المحتذى والمثير للاقتداء
لذلك لا يجوز أن تقتصر مسؤوليتها وبناؤها على مجموعة واحدة حتى ولو كانت من أهل الاختصاص في التربية والتعليم وإنما لابد أن تشارك في بنائها وتقويمها ومراجعتها مجموعة تخصصات نفسية واجتماعية وأخلاقية وإعلامية وثقافية وتاريخية
وهذه هي الحقيقة وركز الكاتب هنا على:
لذلك فإن أية تنمية لا يمكن أن تتم خارج رَحِم التربية ومناخها وإن المدارس والمعاهد العلمية والتربوية  هي طريق القادة السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والتربويين والإعلاميين والعسكريين وسائر المواقع الأخرى
لقد طرح الكاتب هنا سؤال مهم
السؤال الكبير : هل اجتهاداتنا التربوية حققت لنا ما نريد أو بعض ما نريد ؟ ولماذا لم تبلغ العملية التربوية أهدافها المرجوة ؟
فقد تكون المشكلة أو الأزمة التربوية اليوم تكمن في عجزنا عن تطوير مناهجنا التربوية ونظمنا المعرفية من خلال قيمنا وميراثنا الثقافي فنتوهم أن ما عند (الآخر) يحقق لنا ما نريد
ثم تكلم عن استيراد
المناهج والبرامج والسياسات التعليمية والتربوية التي أُعدت لغير مجتمعاتنا وضمن مرجعية غير مرجعيتنا فتزداد المشكلة تأزمًا والحال خبالاً ويزداد الشرخ بين أفراد الأمة ويكبر التصدع والانشطار الثقافي
واختصر ما سبق فيما يلي
فإن هذه النظريات التربوية والنظم المعرفية المستوردة لا مشروعيــة لهــا في إطــار قيــم الأمة وتاريخهـــا وثقافتهـا ولا بديل لنا ولا منقذ إلا بتطوير نظريتنا التربوية الذاتية والامتداد بها ورسم سياستنا التربوية وتحديد منطلقاتها وتوضيح أهدافها واكتشاف أدواتها من خلال قيمنا في الكتاب والسنة ومواريثنا الثقافية وتقاليدنا الاجتماعية
أن مشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية وأزماتنا التربوية والتعليمية يمكن أن تُعَالج باستيراد خبراء نشوا ودرسوا وخبروا وتشكلوا في مجتمعات تختلف عن مجتمعاتنا في عقائدها وتراثها وتاريخها ومشكلاتها فجاء استيرادهم بتكريس المشكلة بدل حلها وبذلك أضعنا المال وخسرنا الأجيال
وهنا اتفق مع الباحث اننا لا ندعو إلى الانغلاق وعدم الإفادة من إنتاج الأمم الأخرى وإنما ندعو لوضوح فلسفة التربية والتعليم ومدى انطلاقها وارتباطها بمعرفة الوحي في الكتاب والسنة وتحرير معيار القبول والرفض
فإن ذلك لا يخرج عن أن يكون من المخادعة التربوية أو الخداع الثقافي بشكل أعم و تتمحــض المحاولـــة في النهايـــة لتكـــون تغطيــة وسبيـــلاً لاستدعـــاء (الآخر)

إن وضع اسم الله الأكرم في مفتتح العمل التربوي والثقافي دون أن تحكم هذه البسملة وجهة القراءة وتحدد أهدافها وتستصحب و سائلها أو بعبارة أدق : دون أن ندرك معنى القراءة والتعلم باسم الله الذي خلق
إن إسلامية المعارف أو أسلمة المعارف لا تأتي من فوق ولا تتحقق لنا ونحن عاجزون عن تطوير فلسفتنا ونظمنا المعرفية والامتداد بها
ولا بوضع شعار الإسلامية أو الأسلمة عليها - دون فحصها واختبارها - لتمريرها إلى عالمنا فإن ذلك يعتبر من أخطر أنواع الغزو الثقافي
وليس المطلوب استدعاء الآخر واستدعاء ثقافته وفلسفته التربوية لأن المغلوب مولع دائمًا بتقليد الغالب كما يقال
ويرى ان الحل:
ولو كنا في مستوى إسلامنا وعصرنا وقيمنا التربوية والثقافية لحقق لنا التبادل المعرفي والثقافي استنقاذ (الآخر) وإلحاق الرحمة به وتخليصه من الشرك التربوي والسياسي والثقافي وتحرير ضميره من التسلط والخوف والقلق والذل والعبودية
إن التبادل المعرفي شيء والغزو الثقافي شيء آخر.. والتاريخ خير شاهد عندما استوعبت القيم الإسلامية في مرحلة التألق والإنجاز الحضاري جميع الشعوب فخلصتها من نظراتها الوثنية وأنقذت إنسانها من الذل والعبودية لغير الله وتسلط الإنسان على الإنسان وأطلقتها من قيودها وطَبَعتها بطابعها الرباني.. وعلى العكس من ذلك حملت إلينا فترات التخلف والعجز والتخاذل الثقافي ثقافات الأمم الأخرى التربويـــة والمعرفيـــة بكــل عُجَـــرِها وبُجَــرِها لاهتــزاز معيار القبول والرفض 
وهذا الحل الجذري لذلك : بأن إسـلاميــة المعــــارف أو أسـلـمــتهــــا لا تتحــقــق إلا بالامتداد والنمو والتطوير لفلسفتنا وقيمنا التربوية ونظمنا المعرفية من داخل الذات وعند ذلك تتحقق القدرة على الهضم الثقافي والإفادة من (الآخر)




وهنا يضع الكاتب شروط الاسلمة :
1 / إن إنتاج معارف إسلامية لا يتحقق إلا من خلال بناء مسلمين متخصصين
2 / يمتلكون المرجعية الشرعية
3/  ينضبطون بمعرفة الوحي في الكتاب والسنة
4/  يتخصصون في شعب المعرفة
5/ يستوعبون الواقع
6/  يقرأون باسم الله الذي خلق وباسم الله الأكرم
 ليأتي عطاؤهم مسدَّدًا بالوحي .. أي أن إسلام العلماء أو إنتاج علماء مسلمين ينتج معرفة إسلامية أو يؤسلم المعارف ويقدم أنموذجًا آخر
وهنا يورد الكاتب مشكلة التي يعاني منها النظام التعليمي أو العملية التربوية والتعليمية بشكل عام هي أنها في معظمها قائمة على التناقض في المرجعيات
ويحدد اسباب المشكلة:
1/ أن منطلقات العملية التربوية والتعليمية وأهدافها وسياساتها أو فلسفة التربية والتعليم بشكل عام المستوردة تفتقد المرجعية والانطلاق من القيم التي تدين لها الأمة
2/ وقد يكون أحد أهم أسباب الارتباك والحيرة والتخاذل وانطفاء الفاعلية هو في عجزنا عن الامتداد ووضع أوعية تربوية لحركة العملية التعليمية والتربوية
3/ لعدم وجود القابليات أو المناخ المناسب لها لأنها نبات مجتمع آخر بظروفه ومشكلاته وعقائده وعمره الحضاري والثقافي وأهدافه في الحياة ونظرته إلى الكون والإنسان حتى ولو كان جسورها ووسائلها إلى العالم العربي والإسلامي بعض أبنائه الذين تخصصوا في الغرب وعادوا مسكونين بمناهجه ومصادره ومراجعه وفلسفته التربوية ولو حاولوا القراءة والبدء باسم الله والاختتام بحمد الله



وأخيرا
وأعتقد أن جميع الحلول المقترحة والمجربة لم تلمس الخلل الواقع بدليل أنها لم تحقق الشفاء من الإصابة ولم تشخص المرض والداء بدقة
وقد يكون بعض وجوه المشكلة أو الأزمة:
 1 /أننا نتوهم أن محل التغيير هو الأشخاص والأشياء دون الأفكار والفلسفات والسياسات والأهداف

2 /أن ينسف كل شخص ما بناه الآخر دون الاختبار السليم للصواب والخطأ فنعود لنقطة البداية من الصفر وبذلك نقفز من فوق التجارب الذاتية والعالمية معًا

3 /عدم التقدير الدقيق لقضية اللغة العربية ودورها كوسيلة تعليم وأداة تثقيف وسبيل تغيير وإصلاح
4 /تغيب عن مؤسساتنا الثقافية والتربوية علاقة لغة التعبير بتشكيل التفكير

وقد تناول الكاتب في هذه الدراسة وكان هو الهدف المطلوب
1 /تحليل النظم التعليميــة السائــدة في القــــارة الإفريقيــــة تحليـلاً علميًا دقيقًا

2 /تأكيد وافديّتها وغربتها على واقع القارة من حيث مرجعياتها وأهدافها
3 /إبراز أزمة هذه النظم وتسليط الضوء على آثارها الفكرية والعلمية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية على شباب القارة
4 /تأصيل القول في وجود علاقة وطيدة ومتينة بين تلك النظم التعليمية الوافدة وبين دوامة التخلف والحروب الأهلية والقلاقل والأزمات التي تنتعش في أرجاء القارة
5 /اقتراح بديل حضاري لتلك النظم قادر على اجتثاث جذور وعوامل التخلف من جهة وقادر على إنتاج جيل من الشباب مسؤول متحضر مستخلف لله
 
وكانت هذه الرسالة متخذة من المنهج الوصفي التحليلي النقدي منهجًا لتناول الدراسة
النظام التعليمي  مبنى ومعنى
يذهب أكثر علماء المعاجم إلى القول : بأن لفظة (النظام) تعني التأليف والاتساق والجمع بين شيئين فأكثر
وأما النظام بالمعنى الاصطلاحي (كل مركب من العناصر أو المكونات المرتبطة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بشبكة من العلاقات السببية بحيث يرتبط كل مكون بعدد من المكونات الأخرى بطريقة ثابتة ولفترة زمنية محددة).
وأما التعليم فيعرِّفه بعض علماء التربية بأنه : (صناعة تهدف إلى إنتاج أعداد من القوى البشرية التي تعمل في قطاعات الحياة المختلفة ومجالات الإنتاج المتعددة )

النظام التعليمي بأنه : مجموع المبادئ والقيم الكلية التي توجه العملية التعليمية لتحقق أهدافًا تصبو إليها مؤسسة تعليمية معينة في بيئة معينة وفي عصر معين.
فهذا التصور للنظام التعليمي يقوم على مراعاة جملة من العناصر المهمة التي لابد من توافرها في كل ما يصحّ أن نطلق عليه بأنه نظام تعليمي وتلك العناصر هي :
أ ـ المرجعية : وعي عبارة عن الفلسفات والقيم والمبادئ العامة التي تقوم عليها العملية التعليمية
ب ـ الأهداف : ويُراد بها استبصار سابق ومقدَّم لجملةٍ من النتائج والغايات التي يمكن أن تتحقق في ظل الإمكانات المتاحة
جـ ـ البيئة : ويقصد بها الظروف التي تحيط بالشخصية المستهدفة بالتعليم وبالمجتمع الذي يراد إحداث تغيير فيه
ويري الكاتب هذه هي العناصر الأساس التي تتكون منها النظم التعليمية المختلفة
وبناءً على هذا فإننا نستطيع أن نقول في اطمئنان : بأن النظم التعليمية السائدة في أكثر أرجاء القارة نظم وافدة غريبة تحتاج إلى مراجعة جذرية  فمعالجة سريعة قصد الارتقاء بالمجتمعات الإفريقية نحو حياة سعيدة هانئة مستقرة وبطبيعة الحال،
 إن وصفنا هذه النظم التعليمية السائدة بكونها نظمًا وافدة يقتضي البحث العلمي النزيه إثبات هذا الادعاء بالأدلة العلمية المقنعة عن طريق تحليل تلك النظم تحليلاً دقيقًا وذلك ما سنأتي عليه في المبحث التالي بإذنه تعالى
تحليل النظم التعليمية السائدة مفهوما ومحتوى:
القيام بدراسة معرفية نقدية شاملة لنظام تعليمي معين في محاولة لتحديد مرجعيته وفلسفته ومدى كفاءته وقدرته على تحقيق أهدافه
 ولكي ندعم هذا الزعم بالبراهين والأدلة العلمية المقنعة بعيدًا عن الحماسة والتحامل قدر الإمكان يلزم ان نبين مفهوم النظام التعليمي الوافد

وهو عبارة عن النظام التعليمي الذي يصدر عن مرجعية وافدة غريبة عن الواقع الذي يطبَّق فيه ويستهدف تحقيق أهداف هلاميَّة غامضة ولا يتلاءم في واقع أمره مع ضروريات المجتمع وحاجاته الأساس فهذا النظام ذو سمات عديدة من أهمها :

أ ـ الانبثاق عن مرجعية غريبة عن بيئة المتعلم وظروفه.
ب ـ استهدافه تحقيق أهداف خارجية مبيتة غير معلنة
ج ـ تجاهله التام تركيبة بيئة المتعلم الاجتماعية والنفسية والجغرافية والاقتصادية،
وهنا يلزم بعد ما تبين لنا مفهوم النظام التعليمي الوافد فحري بنا تحليل محتوى هذه النظم بغية اقتراح بديل حضاري لهذه النظم وسار الكاتب بالطريق الصحيح من خلال
اولا :تحليل مرجعيات النظم التعليمية السائدة وحدد
1/مرجعية النظم الغربية
2/مرجعية النظم الشرقية
3/القارة الافريقية ومرجعية النظم الوافدة
وهذا هو الطريق الصحيح لدراسة
ثانيا : بتحليل أهداف النظم التعليمية السائدة
ما من نظام تعليمي إلا وله جملة من الأهداف والغايات التي يسعى إلى تحقيقها من خلال العملية التعليمية وبناءً على ذلك فما هو الهدف الأسمى لهذه النظم التعليمية وما مدى علاقته بالقارة الإفريقية ?

هدف النظم التعليمية الغربية : تربية النزعة الفردية فإنتاج الفرد المادي

هدف النظم التعليمية الشرقية : تربية النزعة الجماعية فإنتاج مجتمع مادي

هدف القارة الإفريقية وأهداف النظم السائدة

إن هذه الأهداف على اختلاف درجاتها غريبة على الحياة في القارة ووافدة عليها من خلال ظروف وأوضاع لا تعرفها القارة وبالتالي عندما استوردت إلى القارة وطُبِّقت في بعض أرجائها جلبت لتلك الأرجاء صنوف المآسي والفظائع والفواجع والكوارث لم تعرف القارة حتى هذه اللحظة سبيلاً للخروج منها

فهدف إنتاج الفرد المادي -على سبيل المثال - أورث القارة أمراض الأنانية البغيضة والرشوة والحقد والحسد والفساد السياسي والإداري والانحلال الخلقي
وأما هدف إنتاج المجتمع المادي الذي تبنته النظم الشرقية حينًا من الدهر فإنه هو الآخر غريب ووافد على القارة إذ إنه أورثها جملةً من أخلاقيات وأمراض التخلف والتأخر
وعلى العموم كلا الهدفين غريبان على المجتمعات الإفريقية وقد لعبا دورًا هامًا في تعميق تخلف القارة وتأخرها حتى يأذن الله بفرج من عنده يتم فيه تجاوز كلا الهدفين ويستبدل بهما هدف أسمى وأعلى وهو إنتاج الفرد الصالح الذي ينطلق من توجيهات الوحي وليس ثمَّ أمل في تحقيق هذا الهدف ما لم يتم فكُّ الارتباط بين هذه النظم التعليمية الوافدة ومرجعياتها من جهة وبينها وبين أهدافها التي تحول دون تحقيق هذه الغاية السامية من جهة أخرى
ثالثا : تحليل مدى ملائمة النظم التعليمية السائدة للقارة
وحريٌّ بنا تجلية هذه الجوانب التي تؤكد عدم ملائمة هذه النظم للقارة:
1 / لغة التعليم عامل مؤكد على عدم ملائمة النظم للقارة

2/ العقول التي أنتجتها النظم السائدة دليل على عـــدم ملائمتهـا للقارة

3 / تجاهل النظم أولويات مجتمعات القارة وضرورياتها الأساسية دليل على عدم ملائمتها


ثم توجه الباحث الى دراسة : آثار النظم التعليمية الوافدة على الشباب :
على مستوى التدين

على مستوى نظرة الشباب إلى الحياة

على مستوى نظرة الشباب إلى مجتمعاتهم

ومهما يكن من شيء فإنه يمكننا أن نلخص أهم آثار هذه النظم على الشباب الإفريقي في النقاط التالية:

أ ـ الفهم المقلوب للدين بصفة عامة وللدين الإسلامي بصفة خاصة وهذا الفهم المقلوب المغشوش جعل الشباب الإفريقي المسلم (المثقف ثقافة مستوردة) يتبرأ من قيومية الإسلام على الحياة
ب ـ ونتيجة لذلك الفهم المقلوب غدا الشباب لا يفرق بين الوحي الإلهي المنزل لهداية البشرية جمعاء وبين الدين الكنسي الذي افتعل صراعًا بغيضًا بين العلم والدين
جـ ـ سيادة قيم التخلف واستيلائها على ألباب الشباب ولعل أكثر هذه القيم انتشارًا قيم الأنانية والحقد
د ـ ونتيجة لسيادة وتمكن تلك القيم فإن قيم التحضر والتقدم تكاد أن تكون كبريتًا أحمر في واقع القارة
هـ ـ الانبهار بكل ما هو غربي أو شرقي فالشباب المسلم معجب كل الإعجاب بالحضارة الغالبة (الغرب)





نحو بديل حضاري للنظم التعليمية الوافدة
وفي هذا المبحث يرى الباحث ان
تحليلنا ونقدنا للنظم التعليمية الوافدة على القارة لم يكن مقصودًا في حد ذاته وإنما كان القصد تقديم الحلول الناجعة والأدوية الشافية لأدواء تلك النظم وآفاتها
ولئن كنا قد نقدنا النظم التعليمية الوافدة وتمحور نقدنا حول تميزها بالوافدية والغُربة من حيث مرجعياتها وأهدافها والواقع الذي تُطبَّق فيه فإن البديل الحضاري المقترح لهذه النظم يجب أن يتسم بسمات ثلاث أساسية وهي :

أ ـ وضوح المرجعية وصلاحيتها للقيومية على الحياة وتوجيهها وجهة خيِّرة نيرة

ب ـ وضوح الأهداف وجلاؤها وانبثاقها من وحي المرجعية

جـ ـ ملائمة الواقع وتلبية ضرورياته وحاجاته الأساسية

فهذه الركائز والسمات الثلاث ينبغي توافرها في النظام التعليمي البديل المقترح للنظم التعليمية الوافــدة لأن وافديــة تلك النظــم -كما أسلفنا - تتجلى في افتقارها إلى هذه السمات الثلاث



وفي هذا المبحث طرق إجرائية مقترحة لأسلمة النظم التعليمية الوافدة :
أ ـ فك الارتباط بين مرجعيات تلك النظم التعليمية وفلسفاتها التي تقوم على الفكرة العلمانية فإسلامية هذه النظم ينبغي أن تنصب في فكِّ الارتباط بينها وبين مرجعياتها القاصرة العلمانية والمادية بحيث تبدل بمرجعية ترى ضرورة إشراك الوحي الإلهي غير المحرَّف في توجيه العملية التعليمية
ب ـ فإذا تم فكُّ الارتباط بين تلك النظم وفلسفاتها فإن الإجراء اللاحق الطبيعي يتمثل في فك الارتباط أيضًا بين تلك النظم وأهدافها التي سبق لنا أن أوضحناها بحيث تُعاد صياغة أهداف كل مجتمع وحاجاته الأساسية الأمر الذي سيجعل تلك الأهداف نبيلة وسامية من جهة وقابلة للتحقق والتطبيق في الواقع المعيش من جهة أخرى ويعني هذا تجاوز هدف إعداد فرد مادي وهدف إعداد مجتمع مادي ويحل محلهما هدف إعداد فرد صالح يقيم مجتمعًا صالحًا مستقرًا آمنًا مطمئنًا
فصفوة القول : لابد من إعادة صياغة الأهداف من خلال كليات الوحي الإلهي التي تحدد الغاية من خلق الإنسان

وسائل مقترحة لأسلمة النظم التعليمية الوافدة
فإننا نتصور أن هذا المشروع - أسلمة النظم التعليمية - يمكن أن يتحقق ويصبح واقعًا ملموسًا من خلال الاستعانة بالجهات التالية :

1 ـ التفاوض مع السلطات السياسية المسيِّرة والسعي إلى إقناعها عن طريق تبيين الآثار الطيبة التي يمكن أن تترتب على أسلمة النظم التعليميـــة من جلب للاستقـــرار والتقـــدم والتطــور والرفاهــة فـــإذا ما اقتنعت السلطات النافذة بجدوى المشروع وأهميته وقبلته فعندئذ تتم عملية الأسلمة على محورين
أساسين :

أ ـ تصحيح ما تضمنته المناهج والمقررات الدراسية من مفاهيم وتصورات مفتعلة عن الدين وقيوميته على الحياة

ب ـ صياغة مفاهيم وتصورات جديدة عن القيم الحضارية ودورها في تحقيق التقدم والاستقرار والرفاهة للأفراد والمجتمعات
2 ـ في حالة ما لو تعذر اقتناع السلطات المسيِّرة بجدوى المشروع وأهميته وصلاحيته لمكافحة خصال التخلف والتأخر يتم الاستعانة بالمؤسسات والمراكز التعليمية الخاصة التي لا تخضع خضوعًا مباشرًا لتوجيهات السلطات المسيرة فيمكن لهذه الجهات أن تتبنى المشروع وتجعله واقعًا ملموسًا عن طريق إعداد جيل من الشباب الجامع بين علوم الدنيا وعلوم الآخرة
3 ـ ومن الوسائل التي يمكن اللجوء إليها في تحقيق أسلمة النظم التعليمية الوافدة: المعاهد والمدارس الدينية التي تعلّم أبناء القارة مبادئ دينهم وتحصر مجالات التعليم فيها على التعليم الديني
4 ـ إعادة تأهيل الشباب الذين تلقوا تعليمهم في المعاهد والجامعات الإسلامية المختلفة خارج بلدانهم
5 ـ عقد دورات تدريبية تثقيفية للشباب المثقف ثقافة غربية أو شرقية



































 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق